الثلاثاء، 15 فبراير 2011

...شهداؤنا عظمائنا...الشهيد السيد عباس الموسوي



خرج السيد عبّاس الموسوي الى الحياة عام 1952 في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت. وعاش طفولته في عائلة محافظة، وشب على معاينة مأساة الشعب الفلسطيني ... فالتحق بمقاتلي ثورته وهو لمّا يزل في العاشرة من عمره، وخضع لعدّة دورات تدريب عسكرية. ثم التحق بحوزة السيد موسى الصدر في صور، وتعمّم في السادسة عشرة من عمره، بعد ذلك غادر الى العراق ليتابع دراسته في كنف الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر
السيد الشهيد أميناً عاماً‏‏
تتويجاً لمسيرته.. انتُخب السيد الشهيد في أيار 1991 أميناً عاماً لحزب الله، وقد اعتبر سماحته هذا الاختيار تكليفاً وليس تشريفاً، وتخوّف (قده) أن يشغله ذلك عن معايشة هموم المقاومين، وعندما كانت الجموع تزحف للتهنئة، كان يقول لهم: “عزّوني ولا تهنّئوني، فأنا أطمح لأن أكون دائماً بين المقاومين ومع المجاهدين”..‏‏
وبالرغم من قصر المدة التي قضاها أميناً عامً (لا تتجاوز التسعة أشهر)، والتي انتهت بشهادته العظيمة، فقد تمكّن السيد من إنجاز الكثير من الأمور وعلى مختلف الصعد الاجتماعية والوطنية والسياسية والثقافية والإعلامية. وكان (قده) يعمل ليل نهار لأجل إعلاء كلمة الله، وقد مثّل (بطروحاته الموضوعية الواضحة وأسلوبه الواعي البعيد عن التشنج والمبالغة) وجهاً أجتماعياً وإنسانياً بارزاً كانت الحالة القائمة آنذاك بأمسّ الحاجة اليه، واستطاع أن يستقطب وجوهاً سياسية ووطنية واجتماعية كثيرة من رسمية وغيرها، وأن تسعى اليه شخصيات حزبية وسياسية لبنانية وفلسطينية، وأن تقصده وفود شعبية وعلمائية وعشائرية وفاعليات اجتماعية واقتصادية.. وكان السيد خلال تلك الفترة من توليه الأمانة العامة لحزب الله دائم التنقل بين المناطق: من الضاحية الجنوبية الى بيروت والجنوب والبقاع (حتى البقاع الغربي) والشمال، حيث تجوّل في الأحياء والأزقة المستضعفة واستمع الى شكاوى ساكنيها مردداً أمامهم عبارته المأثورة: “أنا بخدمتكم.. ولكن لي عندكم وصية حفظ المقاومة
وخلال الأشهر التسعة لتوليه الأمانة العامة، إنشغل السيد بهموم المستضعفين، ومنها الكارثة التي نتجت عن العاصفة الثلجية، فتخرّب الزرع والضرع، ومات الكثيرون من جرّاء تقصير الدولة اللبنانية تجاه المناطق المحرومة، كذلك تأثر سماحته كثيراً بانهيار مبنى في وادي أبو جميل، وكان ذلك نتيجة استهتار ولا مبالاة المسؤولين، وقد انسكبت دموعه المباركة عندما رأى تلك المأساة، وأثّر ذلك على صحته، ولكنه مع ذلك أصرّ على إحياء ذكرى صديق روحه ورفيق غربته الشيخ راغب حرب في قريته جبشيت، وكان يوم 16 شباط 1992 يوماً مشهوداً خالداً.. شهيدٌ يؤبن شهيداً.. شهيدٌ يلقي خطاباً في ذكرى شهيد.. مجاهدٌ يكتب آخر سطر في كتاب جهاده.. يؤبّن نفسه من خلال تأبينه لشيخ الشهداء.. يطلق من صدره أوجاع الأمة، ويلقي خطبة جامعة تتضمن وصيته.. وبعد الخطبة تجوّل السيد في أرجاء جبشيت، فزار عوائل شهدائها وأسراها، وبعض عائلاتها المستضعفة، ثم توجّه عائداً الى الضاحية الصابرة مع رفيقة عمره وطفلهما، وكانت عين الغدر ترصد خطوات الشهيد، ثم كانت نهاية جسد وولادة روح في شعب بأكمله.. إنها دماء كربلاء تتجدد لتصنع نصراً، أمّا النفس المطمئنة فترجع الى ربها.‏‏
السادس عشر من شباط فبراير 1992، ومن جبشيت بلدة رفيقه الشيخ راغب حرب وبعد كلمة ألقاها في إحياء الذكرى الثامنة لاستشهاد الشيخ راغب، غادر السيد باتجاه بيروت، لكن طائرات مروحية صهيونية تربصت لموكبه على طريق بلدة تفاحتا وأطلقت صواريخ حرارية حارقة على سيارته فاستشهد مع زوجته أم ياسر وولدهما الصغير حسين ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون