الجمعة، 18 فبراير 2011

لا لأستبدال فياض بفياض - سري القدوة - رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سارت فلسطين بخطوات واثقة وسريعة لمحاكاة الواقع العربي, فبعد التغير السريع في تونس، وبعد أن تنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك بدأت جولات واجتماعات قيادة السلطة الفلسطينية , وفي خطوات منها لفهم ما يجري واستيعاب الدرس الجديد عملت علي إصدار العديد من القرارات المهمة حقيقة، وقي مقدمة هذه القرارات كان القرار الذي انتظره الجميع في وقت لاحق وهو التغير الحكومي والذي نحن بصدده ألان لتناول معني وأهمية وأبعاد وحقيقة أن يكون هناك تغير حكومي بعد أن شهد العالم الانهيار الكبير للنظام المصري أمام ثورة الشباب. وأيضا اتخذت السلطة الوطنية الفلسطينية قرار أخر لا يقل أهمية عن التغير الوزاري المرتقب وهو إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية, وكانت الحكومة الفلسطينية حددت موعدا سابقا لإجراء الانتخابات المحلية للمجالس البلدية في قطاع غزة والضفة الغربية، وبالطبع سارعت حركة حماس إلى رفض هذه الانتخابات سواء الرئاسية أو التشريعية أو المحلية, وقالت أنها لا تعترف بها وأنها باطلة ..

وهنا وفي ظل هذا التناقض الغريب في المواقف الفلسطينية تكمن أهمية التغير الوزاري الجديد والمنتظر كي لا نستبدل فياض رئيس الوزراء السابق بفياض جديد, مع احترامي وتقدري وثقتي الكبيرة بالسيد سلام فياض رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني الذي يجمع العالم عليه، وكان له الدور البارز في تنشط الدعم الاوروبي واستمراريته للسلطة الوطنية الفلسطينية, وأيضا تلك الرؤية التي عمل من خلالها سلام فياض لتحقيق منهج واضح في ترتيب أولويات العمل ضمن فريقه الطريق الثالث علي الساحة الفلسطينية، والتي خدمت أهداف فياض وبشكل واسع وحددت له السمات الأساسية لشخصيته حتى بات الفلسطينيون جميعا قادة وكوادر لا يرون سوي سلام فياض المنقذ والمتنفذ الوحيد في الساحة الفلسطينية. وفور تقديم استقالته سارع الرئيس محمود عباس الي تكليفه مرة أخري بتشكيل وزارة جديدة قبل ان نفكر جيدا فيما نريد أن نصنعه في ظل هذا الانقسام الفلسطيني والتناقض الذي جمع العديد من التناقضات, وبدا الجميع ينهش في الجسم الفلسطيني ضمن رؤيته الخاصة وحياته وأسلوبه وتناقضاته ليكون في المحصلة النهائية الخاسر الوحيد هو الوطن كل الوطن ..

واليوم نقف جميعا لنبكي الوطن ونتحسر علي الماضي ونتألم من المستقبل المجهول لحياتنا التي بدأت متناقضة في الفهم والممارسة..

ان خطوات تكليف سلام فياض أولا بتشكيل الحكومة الجديدة كانت متسرعة تماما من سيادة الرئيس محمود عباس والقيادة وأعضاء اللجنة المركزية التي يجب ان تشارك في صنع القرار ضمن آليه الحزب الحاكم إذا صح التعبير هنا لان الفشل تتحمله مركزية فتح بكل الأشكال والنتائج.. فليس لفياض سوي ان نشكره علي أداء مهمته السابقة .. ولنبدأ مرحلة جديدة, فأننا بحاجة ماسة الي حكومة تعمل علي اتخاذ قرارات مصيرية تنهي الانقسام وتعيد الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية على مختلف المستويات لمواجهة المخاطر والتحديات الجمة التي تنتظر قضيتنا في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات .

ولعل الدعوة المسئولة التي اتخذتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاحتكام الى الشعب عبر صناديق الاقتراع من اجل إنهاء الانقسام هي الوسيلة الوحيدة لمواجهة التحديات والمخاطر المحيطة بالقضية الفلسطينية في ضوء تصاعد العدوان السافر والمتواصل للاحتلال، وضربه عرض الحائط بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفشل اللجنة الرباعية الدولية في القيام بمسئولياتها السياسية والأخلاقية في تنفيذ هذه القرارات.

وأيضا بات المطلوب اليوم من الحكومة الفلسطينية وحركة حماس اتخاذ قرارات جريئة تفتح الطريق نحو توحيد النظام السياسي الفلسطيني، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مجمل الحوارات السابقة بالإضافة الى التفاهمات الفلسطينية بشأنها ، بما في ذلك التوافق على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وآلياتها وتفعيل وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية، علاوة على قضايا اخرى تم التوافق بشأنها وتسهم في طي صفحة الانقسام المؤلم .

ان الانتخابات بكافة مستوياتها تشكل مدخلا لإعادة لحمة الوطن، وترسيخا للحياة الديمقراطية في فلسطين والتداول السلمي للسلطة.

ان القرار الفلسطيني بتغيير الحكومة جاء بناء على ان المرحلة تتطلب تشكيل حكومة جديدة تركز عملها على تحديد الأولويات الوطنية الفلسطينية وتهيئة الأجواء لعقد الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية .

واليوم بات من المهم ان تكون الحكومة الفلسطينية بمستوي التحدي المفروض بعيدا عن الشعارات الرنانه ومن اجل ان تعبر عن أماني شعبنا وان تعمل علي المصالحة مع الذات من اجل إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة السياسية وتواصل الجهد الدبلوماسي لكسب مزيدا من الاعترافات بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس ، وحتى ننجز انتخابات ديمقراطية حرة تعبر عن مجموع الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده بدون أي تأثيرات خارجية.

وأيضاً بلورة إستراتيجية جديدة قادرة على النهوض بالشعب الفلسطيني مجدداً، وتوحيد قواه وفعالياته وطاقاته وإبداعاته وقدراته وإرادته،وشق طريق النصر والتحرير والعودة والعمل علي بذل كل جهد ممكن لإنهاء الانقسام، وضرورة عودة الوحدة بين شطري الوطن، قطاع غزة والضفة الغربية، وسبل دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة لإنهاء معاناته المستمرة .
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون