





صفحات عز في تاريخ جيش مصر العربية الحبيب
الشهيد غريب عبدالتوالب ..كان غريب الأستشهاد والبطولة
اختلط دمه مع الصول شنودة فى ملحمة نادرة سجلتها العسكرية المصرية
كانت الساعة 1400 من ظهر السادس من أكتوبر1973هى موعد مدينة الواسطى مع الخلود حيث سطر واحد من أعظم شهداء العسكرية المصرية من أبنائها ملحمة رائعة مع الأستشهاد والعطاء فى حرب أكتوبر المجيدة .
فقد تسلم البطل الشهيد غريب عبد التواب علم مصر من قائد اللواء بعد أن كلف كقائد لإحدى سرايا الصاعقة المصرية بالجيش الثالث ليكون مع رجاله أول المتسلقين للساتر الترابى الضخم وسد برليف العنيد فى مواجهة مباشرة مع قوات العدو الإسرائيلى .
انطلقت صيحات الرجال على المعابر( الله أكبر ..الله أكبر) بينما غريب عبد التواب يتقدم فى استشهاد عجيب مع زملائه ، كان رفيق كفاحه وزميل سريته الصول شنودة راغب يحمل مدفعا رشاشا يؤمن به ظهره .
رفع غريب علم مصر مع كل الرجال واعتلى على الفور أرض الموقع الذى كان يمثل مجموعة من المصاطب أعدها الجيش الإسرائيلى لدباباته ، وعلى الفور وضع خطته للهجوم والانتشار لأفراد سريته ووزع المقاتلين على المصاطب الثلاثة الحصينة ليقدم بعدها الرجال يسابقون طلقات المدافع والرصاص فى غضب وثورة يؤججهم مطلب الثأر وسط جحيم الأرض والسماء .
كما أصدر البطل غريب عبد التواب تعليماته يسرعة لزرع الألغام على مساحة 400 متراً كاملة لمقاومة تقدم الدبابات المعادية ، فقد كان يعلم أنه المسئول عن تدمير قوات العدو المواجهة للواء الخامس مشاه ومعاونته فى العبور ولابد أن يتم كل شئ حسب الحظة الموضوعة مهما كان الثمن .
وتتلاحق الأحداث الصادعة بتقدم (13) دبابة للعدو دفعة واحدة نحو الشهيد وسريته كان منها خمس دبابات متقدمه عند المصطبة الوسطى وهنا قام رجاله بإطلاق النار الكثيفة لتنسف الدبابة الأولى ويرتبك طابور المدرعات الإسرائيلية بكامله ، لكن قائد العدو يلجأ إلى تنظيم صفوفه بسرعة ويدفع بدباباتين للمصطبتين اليمنى واليسرى ـ وهو وضع يمثل خطورة بالغة على قوات الصاعقة المنتشرة بالمنطقة ـ ولم يضيع غريب الفرصه فتقدم وحده تجاه واحدة منهما وقام بحرقها كاملة ، على الفور ترصده ثلاث دبابات إسرائيلية تقتحم الطريق إليه وحده دون سواه وكانت ذخيرته قد نفذت بكاملها .. فأصدر البطل قراره الإستشهادى الخطير وقام بإعتلاء إحدى الدبابتين وفتح برجها بسرعة وألقى قنبلة على جنودها .. إلا أن دانه غادرة صوبها أحد الجنود اليهود إلى صدرمساعده الصول شنودة .
واندفع غريب ليحمله بعيداً عن مرمى النيران ، لكن جنود العدوكانوا قد تنبهوا إلى خطورته وموقفه القيادى فأطلقوا عليه نيرانهم الكثيفة فأستشهد فى الحال وهو يحمل جسد شنودة جيث اختلطت دماءهما معا فى مشهد رائع لاينساه تاريخ البطولة المصرية ولا أحداث الوحدة الوطنية التى صنعها الرجال من أجل مصر بالدم والجسد واللحم الحى 0
كان غريب صائم منذ اندلاع المعركة ورفض أن يدخل المعركة وهو فاطر ليلاقى ربه صائماً شهيداً.
البطل الشهيد غريب عبد التواب ولد بمدينة الواسطى يوم 4 أغسطس 1948 وتخرج من الكلية الحربية عام68 برتبة ملازم وتدرج إلى رتبة نقيب بينما كان ملتحقاً مع كتيبته الصاعقة بسلاح المشاه بالجيش الثالث .
اتصف منذ صغره بالذكاء والشجاعة والفتوة كما كان موهوباً فى مجال الرسم ويجيد القنص والصيد وكانت هذه هوايته منذ صباه الباكر .
تؤكد أسرته أنه كان شديد التأثر بهزيمة يونيو 1967 ودائم الحديث عن يوم الثأر القادم والموعود ودائم المطالبة لقياداته بالتعجيل بالمواجهة داخل كتيبته ذاتها !!
وحينما طلب منه شقيقه اللواء أحمد عبدالتواب وكان من ضباط الجيش بالجبهة أن يترك الجيش لمدة أسبوعين تنفيذاًَ لقرار القيادة العليا بعدم إشراك شقيقين فى العمليات العسكرية رفض ذلك وأصر على المواجهة .
كما يذكر شقيقه أنه أحس برعشة ورجفة شديدة وقت صلاة العصر التى وافقت استشهاد أخيه فتأكد أن روحه لاقت ربها راضية مرضية .
محمود حسن .. شهيد أسرة عبد البارى الثانى بالواسطى
لم يأبه الملازم الشاب ابن التسعة عشر ربيعاً والمتخرج حديثاً من الكلية الحربية عام 1973 والملحق حديثاً أيضاً بسلاح الصاعقة الشهيرأن يبخل بروحه الربيعى وبجسده الغالى الذى كان قد اقبل على الدنيا فقدم شبابه وجسده فداءاً من أجل مصر ووفاءاً لدينه وشرفه العسكرى .. إنه الشهيد البطل محمود حسن عبدالبارى ابن مدينة الواسطى وفخر شباب الصاعقة المصرية وأحد أساطيرها الخالدة .
ولد محمود فى اليوم الأول من يناير عام 1952 وكان منذ طفولته خفيف الروح دائم الحيوية واللطف مميزاً بين اقرانه كما تميز أيضاً بالجرأه والجسارة يلازمه طبع إجتماعى محبب جعله محور أهتمام للعديد من جماعات الأصدقاء والأحباء الشباب بالواسطى 0
وبعد استكمال دراسته الثانوية رشح للألتحاق بكلية التجارة حسب مجموع درجاته لكنه كان قد أصرعلى الأنخراط فى الجندية المصرية والتخصص فى الدراسات العسكرية ، وكان يستهويه فى ذلك شخصية ابن عمه الشهيد الكبير غريب عبدالتواب والذى اتخذ منه نموذجاً وقدوة وكان الأول قد شجعه بالفعل على الدراسة العسكرية .
وعقب تخرجه عام 1973 التحق بسلاح الصاعقة وهو سلاح غريب عبدالتواب أيضاً وكان الأخير قد نصحه بالتقدم لسلاح أخر وبعد اصراره على ذلك طلب منه غريب أن يتوزع كلاهما على سرية غير سرية الأخر .. فهما أبناء أسرة واحدة وقد تقتضى العمليات العسكرية استشهادهما بينما تعمل التقاليد العسكرية على التصرف فى هذه الأمورالإنسانية ما أمكن ذلك .
وفى الصاعقة كانت الأيام الأولى والقصيرة لها عالماً سحرياً للضابط الشاب فقد وجد فيه مجالاً لتحقيق وطنيته العالية وروحه الشابة متدفقة الحيوية والنشاط والأمل .
كان محمود أحد أبطال الرماية فى الجيش وقد حقق فيها المركز الأول على سريته ، كما سبق أن اختارته قيادته العسكرية للعديد من العمليات الهامة خلف خطوط العدو الإسرائيلى قام بها بنجاح مذهل كان له تقديره من رؤسائه وقياداته .
ولم تلبس طاحونة حرب أكتوبر 1973 أن دارت رحاها الدامية فى الجو والبر والبحرعلى غير توقع ، وكانت قيادة الصاعقة قد عينت فى بداية الحرب الشهيد الشاب قائد فصيلة لسرية الشهيد محمود منصور وكانت مهمته المحددة والخطيرة فى آن واحد هى (تعطيل احتياطى مدرعات العدو حتى لايتمكن من الوصول إلى النقاط الحصينة لجنودنا).
كانت أخبار الأستشهاد فى سلاح الصاعقة تزف قصصاً أسطورية من البطولة ورجولة اختيار الموت إعلاءاً للثأرمن هزيمة يونيو1967 المحزنة ، كما كان للتسابق على حماية الأرض والوطن والعرض أخباراً يومية فى هذا السلاح المصرى الذى شارك فى إعادة كتابة تاريخ الجندية المصرية بالفخار والنور ولم يلبث أن تهادى خبر استشهاد نقيب الصاعقة غريب عبدالتواب إلى ابن عمه الشاب محمود حسن عبدالبارى ، وكان للخبر دوياً داخلياً هائلاًفجر داخله كل الرغبة فى الأستشهاد والثأر فهو قدوته العسكرية والوطنية والأسرية الكبرى .
وصادف ذلك تكليف قيادته العسكرية بالصاعقة له بطلعة استطلاعية جديدة خلف خطوط العدو التى كانت قد فقدت صوابها وجن جنونها من مواجهة الجحيم مع أبطال مصر القادمين من أوجاع وآلام الثأر والطالبين لشرف الأستشهاد ، كما تضمن الأمر العسكرى تعطيل احتياطى مدرعات العدو حتى لاتصل للنقاط الحصينة .
وأثناء المواجهة والبطل على رأس سريته طالته طلقات غادرة وفجائية لتصيب كتفه بأصابات بالغة وتدفقت دماؤه بغزارة لكنه اصدر أوامره لجنوده بالأستمرار كما قاوم بكل القوة رجاء هؤلاء الجنود فى أن يترك موقعه إلى موقع أخر وظل جسده ينزف حتى استشهد على أرض المعركة راضياً مرضياً
ومن ينسى مجموعة القتال 39 من نسور سيناء فان نسيهم العالم كله ستظل أرض سيناء تتذكر وقع خطاهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق